سر القوة الروحية

لقد تنبأ النبي إِشَعْيَاءَ على إسرائيل قائلاً " وَيْلٌ لِلْبَنِينَ الْمُتَمَرِّدينَ يَقُولُ الرَّبُّ ...." ( إِشَعْيَاءَ 30: 1). الكلمة العبرية المقابلة لكلمة " ويل " هنا تعبر عن حزن وأسف عميقين. فما الذي فعلة شعب الله حتى شعر الله بمثل هذا الحزن؟ وأيضاً لماذا دعاهم بالمتمردين؟ فبعد كل شيء فهم لم يكونوا من عبدة الأوثان، لقد كانوا أولاده. فما هي الخطية الفظيعة التي ارتكبوها حتى جعلت الله ينعتهم بالمتمردين?

كلمة "متمردين" التي استخدمها النبي إِشَعْيَاءَ في هذا العدد تعنى المتخلى عن إيمانه، العنيد، المبتعد. فما هو هذا الشيء بالتحديد الذي كان أبناء الله يبتعدون عنه؟ و ما الذي سبب تخليهم عن إيمانهم?

نجد الإجابة عن هذه الأسئلة في الجملة التالية " .... الَّذِينَ يَنْصَاعُونَ لِمَشُورَةٍ لَمْ تَصْدُرْ عَنِّي، وَيُبْرِمُونَ عَهْداً لَيْسَ مِنْ رُوحِي، لِيُضِيفُوا خَطِيئَةً إِلَى خَطِيئَةٍ." فكلمة " يَنْصَاعُونَ لِمَشُورَةٍ" تعني انهم وضعوا خططهم الخاصة هكذا ببساطة، ولكن الرب كأنه يقول " لقد توقف شعبي عن طلب مشورتي. لم يعودوا يطلبون إرشادي ونصيحتي. بل بالعكس، لقد اعتمدوا على ذراعهم و قوتهم الذاتية. وكل مرة ينفذون فيها شيئاً بدوني، و يذهبون للعالم يطلبون العون، يضيفون خطية إلى خطية. لقد تخلوا عن ثقتهم وإيمانهم في يد الرب القادرة."

اليوم، نحن نعتقد أن المتمردين هم من يرفضون كلمة الرب و يتجهون إلى المخدرات، الكحوليات، الزنا، وغيرها من الخطايا. ولكن التمرد الذي يقصده الله هنا أبعد ما يكون عن هذه الخطايا الثلاث. لقد كان الشعب يقول كما قد يقول أحدهم "دعونا لا نزعج الله بهذا الأمر، فنحن لدينا حكمتنا و نستطيع حل هذه المعضلة وحدنا."

حتى هذه اللحظة، كان شعب الله يعي أن عليهم الثقة في الله في كل شيء مهما كان تافهاً أو بسيطاً. فقد كانت المزامير باستمرار تذكرهم بهذه الحقيقة " ما أكرم رَحْمَتَك يا الله فبنوا البشرفِي ظِلِّ جَنَاحَيْكَ يحتمون. " ( مزمور 36: 7 ) و " ارْحَمْنِي يَا اللهُ ارْحَمْنِي، لأَنَّ بِكَ احتمتْ نَفْسِي، وبظل جَنَاحَيْكَ أَحْتَمِي إِلَى أَنْ تَعْبُرَ الْمَصَائِبُ. " ( مزمور 57: 1 ) و " لأَنَّكَ كُنْتَ عَوْناً لِي، وبظلِلِّ جَنَاحَيْك أُبْتَهجِ. " ( مزمور 63: 7 ).

فالآن فإن شعب الله يواجه مشكلة حقيقية كبيرة. فالسوريين أعلنوا الحرب على مملكة يهوذا، و كان جيش الأعداء الأقوياء يقترب بسرعة و مسلح بمركبات بعجلات. لقد كانت هذه هي مشكلة المشاكل بالنسبة لمملكة يهوذا. فقد كانوا في موقف ميئوس منه.

وحتى هذه اللحظة، لم يلتفت شعب يهوذا للرب في ظل هذا الموقف الصعب. فتجاهلوا الله و اعتمدوا على فهمهم. فأولاً أرسلوا سفيراً إلى مصر ليسألوا من فرعون أن يعطيهم خيولاً لأجل المعركة، ثم بعد ذلك أرادوا جر مصر نفسها إلى الحرب مع السوريين لصالحهم. وبعد ذلك بمدة قصيرة طلبوا الحماية من فرعون "يذهبون لينزلوا إلي مصر ولم يسألوا فمي ليلتجئوا إلى حصن فرعون و يحتمون بظل مصر " (إِشَعْيَاءَ 30: 2 ).

إني لأتعجب ألم يسأل أي من قادة يهوذا نفسه " ماذا كان يفعل آباؤنا في مثل هذه الأوقات الخطرة؟ فبعد كل شيء، نحن لدينا خبرة عظيمة وتاريخ ملئ بالنجاة. من أين جاءوا بالمشورة؟ كيف وجدوا المساعدة في وقت الضيق? "

فقد يكونوا قد تذكروا موقف داود عندما انتشرت جيوش الفلسطينيين في وادي الرَّفَائِيِّينَ. في ذلك الوقت لم يكن مر وقت على مسح داود ملكاً على إسرائيل، ولم يكن داود يعلم ماذا يفعل حيال هذا الموقف. يقول الكتاب " فَسَأَلَ دَاوُدُ الله قائلا أأصعد على الفلسطينيين فتدفعهم ليدي ؟ " (أَخْبَارِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ 14 : 10 ).

لقد طلب داود العون من الله وحده. إنه لم يسأل المشورة من أحد وإن كان هناك الكثير من الرجال الحكماء محيطين به يمكنهم إسداء النصيحة ( و الكلمة تقول بأن الحكمة موجودة لدى المستشارين ). و لكن داود ذهب للرب من خلال الصلاة سائلاً النصح عما يجب أن يفعله حيال هذا الموقف. و أعطاه الرب ما أراد " ... فَأَجَابَهُ الرَّبُّ: «اصعد فأدفعهم ليدك». " ( أَخْبَارِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ 14 : 10 ). لقد بارك الرب داود بنصر عظيم لأنه سأل من الرب.

بعد ذلك، أعاد الفلسطينيين تجميع و تنظيم جيوشهم. هذه المرة جاءوا بجيش أكبر جديد. عند هذه النقطة، قد كان ممكناَ أن يقول داود أن " لقد نجحت الخطة التي أعطاها الله لنا ضد هذا العدو أول مرة. نعم، يمكننا تكرار الخطة مرة أخرى." ولكن الذي حدث أن داود رفض أن يتكل على شيء إلا على كلمة الله. يقول الكتاب " فَاسْتَشَارَ دَاوُدُ اللهَ (مرة أخرى)، فَقَالَ لَهُ اللهُ: «لاَتصعد..." ( أَخْبَارِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ 14 : 14 ).

أنا أؤمن أن كلاً من الخطتين كانتا مختلفتين تماماً. فلقد أعد الرب خطة جديدة لداود هذه المرة. لقد أمر الله لداود " فَاسْتَشَارَ دَاوُدُ اللهَ، فَقَالَ لَهُ اللهُ: «لاَ تصعد ورائهم و هلم عليهم مقابل أشجار البكا و عندما تسمع صوت خطوات في رؤوس أشجار البكا فاخرج حينئذ للحرب لأن الرب يخرج أمامك لضرب محلة الفلسطينيين. " ( أَخْبَارِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ 14 : 14-15 )

إني أسألكم، من هو هذا المستشار العسكري الذي يمكنه إعطاء نصيحة كهذه؟ أيضاً أسألكم من يمكنه أن يصدق هذه الخطة، هذا إذا استمعوا لها من البداية! إني أتخيل قادة جيوش إسرائيل يقولون لداود " داود، هل تقول لنا أنه يجب علينا أن نجلس و ننصت إلي صوت هبوب الريح على أعالي بعض الأشجار؟ عنها يكون الوقت للهجوم على الفلسطينيين، و نتوقع عندها أن يسلمهم الرب في أيدينا؟ هل جننت؟ "

أن طرق الله غير طرقنا البشرية. فقد تبدو خططه أحياناً حمقاء في نظرنا نحن البشر. ولكن الرب يعمل بطريقة خارقة للطبيعة من خلال طاعتنا لكلمته بإيمان. يقول الكتاب " ففعلَ دَاوُدُ كما َأمِرهَ الله وضربوا محلة الفلسطينيين من جبعون الى جازر. " ( أَخْبَارِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ 14 : 14 ).

لقد كان آسا في الملك عندما هاجم جيش الكوشيين المكون من مليون جندي من العسكر و مئات المركبات و الفرسان. يقول الكتاب " ودعا آسا الرب اللهه وقال أيها الرب ليس فرقا عندك أن تساعد الكثيريين ومن ليس لهم قوة فساعدنا أيها الرب الهنا لأننا عليك اتكلنا و بأسمك قٌدمنا على هذا الجيش ». " ( أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي 14 : 11 )

ففي الأساس، لقد كان آسا يصرخ قائلاً " يا رب إننا نضع ثقتنا فيك. " هنا رجل الله الذي قال عنه الكتاب "وعمل آسَا مَا هُوَ صَالِحٌ وَمستقَِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلَهِهِ. "( أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي 14 : 2 ). فبالفعل أمر آسا الشعب " وَقال ليَهُوذَا أَنْ يَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِمْ وَأَنْ يعملوا حسب الشَّرِيعَةَ وَالْوَصِيَّةَ. " ( أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي 14 : 4 )

فعدما حلت المشاكل، ذهب آسا مباشرة إلى الرب من خلال الصلاة. لم يكن محتاجاً إلى التجهيز لاجتماع و قضاء أيام للتخطيط. قد كان عنده ما يكفى من رجال الجيش و السياسة و المستشارين و لكنه سأل الله أولاً. لقد كانت صلاته " يا رب ماذا بجب أن نفعل؟ " و قد كان رد الله على هذه الصلاة بأن أعطى كلمته لآسا وتخليص يهوذا من المحنة. يقول الكتاب " فضرب الرب الكوشيين أمام آسا وأمام ]يهوذا فهرب الكوشيين. " ( أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي 14 : 12 ).

بعد ذلك حلت كارثة أخرى. أنا أومن أن الغرض من هذه التجربة كان امتحان إيمان آسا. فطبقاً للكلمة " َفِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِملك آسَا صعدَ بَعْشَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَلَى يَهُوذَا، وَبَنَى الرَّامَةَ لكيلا يدع أحدا يخرج أو يدخل ألى ملك يهوذا. "( أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي 16 : 1 ) فاحتل الرامة. ولكن هذه المرة لم يلتفت آسا إلى الله كما فعل داود. و لكنه بدلاً من ذلك بنى خططه الخاصة. لقد فكر " ذلك الجيش المكون من مليون جندي كان موضوعاً آخر. لقد احتجت الله في ذلك الوقت. أما ذلك الجيش من إسرائيل فهو ليس بمشكلة كبرى. فأنا يمكنني حلها بنفسي. "

كيف حاول آسا حل مشكلته؟ لقد حاول رشوة سوريا للحرب ضد إسرائيل. لقد ذهب قدماً في ذلك حتى أنه أخذ الذهب و الفضة من خزينة الهيكل و من خزائنه الخاصة لاستخدامها كمال للرشوة. ثم بعد ذلك أرسل سفراء إلى بَنْهَدَدَ ملك سوريا لإقناعه بكسر اتفاق السلام الذي بينه و بين إسرائيل و دفعه لمهاجمتهم.

و قد نجحت خطته. فتحركت سوريا ضد إسرائيل وترك الإسرائيليين الرامة و استرد آسا المدينة. خطة آسا الخاصة به والتي تجاهلت الله تماماً نجحت و هنأ الملك نفسه على مهارته.

وحزن الرب لذلك. لقد قال لآسا "من أجل أنك استندت على ملك أرام ولم تستند على الرب إلهك لذلك قد نجا جيش ملك آرام من يدك ألم يكن الكوشيون و اللوبيون جيشا كثيرا بمركبات و فرسان كثيرة جدا. فمن اجل انك استندت على الرب دفعهم ليدك. لأن عينا الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه. فقد حمقت في هذا حتى انه من الآن تكون عليك حروب. " ( أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي 16 : 7 - 9 ).

لقد كان الرب يقول لآسا باختصار " آسا.. لقد اعتمدت عليََ مرة واحدة.. و لثقتك في سلمت جيش عظيم بين يدك. و لكنك الآن اعتمدت على نفسك هذه المرة و على السوريين. أنت تعلم أن هذا ليس طريقي و أنا لن أسمح بهذا.آسا أنت تصرفت بغباء و حماقة. ومن الآن فصاعداً لن يكون لديك سلام بل حروب. ".

كثير منا مثل آسا. فنحن نأخذ حرية و نجاة من الله، ونشكره بصوت التسبيح العالي..نعد الرب قائلين " يا سيد، من الآن فصاعداً لن أذهب إلى أي مكان أو أفعل أي شيء بدون أن أستعلم وأخذ كلمة منك أولاً. سوف أصلى لأجل كل شيء. " ثم نقع في مشكلة أخرى ، و فجأة كل شيء يختلف. نفكر أنه يمكننا الاعتماد على خطتنا القديمة و نجاحنا القديم. و ينتهي الأمر بأننا نبدأ بالاعتماد علي سواعدنا. قد يسمح الرب بخطتنا الذاتية للنجاح لحظياً. و لكن فعلياً، ينتهي بنا الأمر بفوضى شديدة.

قد تعترض قائلاً " لقد منحنى الله مخاً ويجب عليا استخدامه. أنه يريد مني أن أحاول حل بعض المشاكل. " نعم، هذا صحيح ولكن بعد أخذ رأي الله أولاً من خلال الصلاة. فنحن لن يمكننا معرفة فكر الله بالاعتماد على أسبابنا الخاصة. يخبرنا الرسول بولس بهذه الحقيقة أنه لا يمكن الفكر الجسدي أن يدرك الفكر الروحي ( راجع رومية 8 : 5 – 7 ).

لنفترض أنك أعزب، و أنت تصلى منذ فترة لله ليريك زوجتك. هذا شيء ممتاز. و لكن مع مرور الوقت بدأت تفقد صبرك مع توقيت الرب. لقد انتظرت الرب و لكن الشخص المناسب لم يظهر بعد. فتبدأ في تحديد شخص معين و تبدأ بعدها و محاولة لاصطياده. قد تنجح في الحصول على شريك للحياة و لكن مثل آسا ستجنى حرباً بدون سلام. ستدفع ثمن غالى لم تكن تتوقعه مثل الغضب، عدم الفهم، و الارتباك و التشويش.

الأسوأ أنك ستحزن قلب الله. سوف تسمع صوته أسفا يقول لك " فيصِيرُ لَكُمْ حِصْنُ فْرِعَوْنَ خجلاً، وَالاحْتِمَاءُ بِظِلِّ مِصْرَ خِزْياً " ( إِشَعْيَاءَ 30: 3 ).سيقول الرب لك " لقد وثقت في ذراعك مع أني حذرت أن فعل هذا هو حماقة. الآن عليك دفع ثمن نتيجة عدم اعتمادك عليَ في كل شيء. سينتهي بك الأمر في حزن و ارتباك. "

" تعال الآن اكتب هذا عندهم عَلَى لَوْحٍ، وارسمه في سفر ليكون لزمن آت للابد الى الدهور. لأنه شعب متَمَرِّد، أولاد كذبَة، أولاد لم يشائوا أن يسمعوا شَرِيعَةِ الرَبِ " ( إِشَعْيَاءَ 30: 8 ). لقد كان الله يعنى في الجوهر " أني أريد كل الأجيال من الآن و حتى نهاية الزمان أن يعرفوا مقدار عمق حزني على هذا التمرد. سجل هذا يا إشعياء، فيعلم كل الشعب في كل وقت مقدار حزني عندما يثقون في العالم و ليس في. "

التمرد الذي يصفه الرب هنا هو تحد، مقاومة تحكمه الكامل وسيادته على حياتنا. إنه رفض لمعرفة فكره في كل شيء. هذا يشمل ليس فقط الأشياء الكبيرة ولكن الأشياء الصغيرة أيضاً: الأمور العائلية، الجروح، القلق الشخصي. وهذا يشمل كل شيء في وجودنا الروحي، الجسدي، العقلي، كل شيء. فالتمرد ضد سلطان الله معناه القول " أنا أستطيع عمل هذا بنفسي. لا داعي لإزعاج الله. " و لكن الحقيقة هي أن الله يرد منا أن نزعجه.

ببساطة، إذا لم تطلب من الرب الإرشاد، إذا لم تصرخ له طلباً لمعرفة الطريق، إذا لم تثق في أمانته، إذا كنت تعمل على الاعتماد على ذاتك، فأنت متمرد.الله يعلن لنا في كلمته " بَسَطْتُ يَدَي طول النهار إِلَى شَعْبٍ مُتَمَرِّدٍ سائرِفي طَرِيقٍ غَيْرِ صَالِحٍ، وراء أفكاره "( إِشَعْيَاءَ 65 : 2 ).

في ظل تحذير الله اسأل نفسك: هل أنا في تمرد ضد الله بدلاً من التكريس له و التعبد له و حياة البر؟ قد تصلى، تصوم، و تحضر الكنيسة بأمانة. ولكن هل يمكن أن يكون هناك هذا النوع من التمرد في حياتك؟ هل يمكن أن يكون هذا هو السبب الذي بسببه تواجه تشويش و حرب في منزلك، عائلتك أو عملك?

أنا أوجه نفس السؤال للخدام. عندما ينظر إليك الله، هل تراه يقول لك " يا بني، هناك أوقات تستمر في خدمتك بدون استشارتي. أنا أريد أن أكون مشتركاً في كل شيء، من أعالي شعر رأسك وحتى أخمص قدميك. إذا لم تسأل فمي أو تثق في ظل جناحي، فأنت في تمرد."

أن إلهنا يريد أن يكون حامينا. يقول الكتاب "انه لاَ يَنْعَسُ وَلاَ يَنَامُ حَافِظُ إِسْرَائِيلَ. الرَّبَُّ حَافِظُك. الرَّب ظل لك عَن يدك اليمنى. "( مزامير 121 : 4 ). إن الكلمة العبرية لكلمة "حافظك" تعني حارس، مُدَافِع، مُوجِه، مرشد. إلهنا يقظ، أب يحمينا، الذي يبتهج بالعناية والحفاظ على أولاده.

في الحقيقة، في سفر الخروج، أشار الله إلى نفسه لإسرائيل باسم جديد وهو غيور. تقول الكلمة "فانك لا تسجد لاله آخر. لأَنَّ الرَّبَّ اسْمُهُ غَيور. اله غيور هو. " ( خروج 34 : 14 ). لاحـظ أن اسمه هنا ذكـر في صيغة تحذير " إِيَّاكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا إِلَهاً آخَرَ غَيْرِي " خلال الوقت الذي ذهب فيه معظم الإسرائيليين إلى المرتفعات أو إلي مذابح الأوثان بحثاً عن الإرشاد. وعندما وصل الأمر إلى طلب الإرشاد من الله، لم يعيروه اهتماماً.

هذا يعتبر عبادة أوثان،هكذا ببساطة. فالله وحده يمكنه أن يعلم المستقبل. فعندما يلتفت أي شخص إلى أي شيء غير الله طالباً المشورة، فإنه يعبد هذا الشيء.هذا صحيح أيضا في حالة الاعتماد على المنجمين، البروج، أو علوم قراءة النجوم. فأي ما تعتمد عليه فإياه تعبد. وهكذا تحوله إلى إله.

فإلهنا غيور تماماً على قدرته على حفظنا. ونحن نحتقره عندما لا نلتفت إليه طلباً للمساعدة. فالله قضى على الملك شاول لأجل هذه الخطية التي هي العصيان و التمرد، يقول الكتاب " فمَاتَ شَاول بخِيَانَتِهِ التي بها خان الرب من اجل كلام الرب الذي لم يحفظه. و أيضا لأجل طلبه إلى الجان للسؤال. وَلَمْ يسأل من الرَّبِ فأماته و حول المملكة الى ِدَاودَ بنِ يَسى. " (أَخْبَارِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ 10: 13 - 14 ). لقد وضحت كلمة الله الأمر بشكل تام، فخيانة شاول هي لجوئه إلى الجان طلباً للمشورة و ليس من الله. و الله أماته من أجل ذلك.

لقد ذكر إشعياء العواقب الوخيمة لرفض يهوذا الثقة في الله كحافظ لهم. كانت الكلمة كأنها تقول لهم " لأنه شعب متمرد أولاد كذبة أولاد لم يشاءوا أن يسمعوا شريعة الرب. الذين يقولون للرائيين لا تروا و للناظرين لا تنظروا لنا مستقيمات. كلمونا بالناعمات. انظروا مخادعات ". راجع (إِشَعْيَاءَ 30 : 9 - 10 ).

في النهاية، أعلن إشعياء أن الله سيرفع كل الحوائط التي بناها الشعب لحماية نفسه " لِذَلِكَ يكون لكم هذا الإثم كَصَدْعٍ نَاتِيءٍ فِي جدار مرتفع يأتي هدهُ بَغتَة في لَحْظَةٍ . و ينكسر كَكَسْرِ إِنَاءِ الخَزافين مسَحْوقا بلا شفقة حتى لا يوجد في مسحوقه شقفة لأخذ نار من الموقدة أو لغرف ماء من الجب. " ( إِشَعْيَاءَ 30: 13 - 14 ). لقد كان الله وكأنه يقول " سأُكَسِر كل شيء زائف وضعتم ثقتكم فيه إلى قطع صغيرة. إن خططكم في طريقها إلى الانهيار. ".

ثم يعلن إشعياء أن قلب الله يشفق على شعبه. لقد طلب من يهوذا " لا يجب أن تعيشوا في تشويش و ارتباك بعد الآن. ".يقول الكتاب " لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: بالرجوع و السكون تخلصون. بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم. فلم تشائوا " ( إِشَعْيَاءَ 30: 15 ).

هنا، باختصار، سر الله للقوة الروحية: " الهدوء والثقة والإيمان يجب أن يكونوا قوتكم. ". فكلمة الهدوء في العبرية تعنى الاعتماد. و الاعتماد يعنى السكون، الاسترخاء، عدم القلق، الانتباه و الوقوف.

عدد قليل من المؤمنين اليوم لا يملكون هذا النوع من الهدوء و الثقة. فعامة المؤمنين متورطين في نوبات من النشاط ، السعي بجنون لتكوين الثروات، الممتلكات، و الملذات. حتى في الخدمة، فإن خدام الله يعانون من القلق، الخوف، البحث عن إجابات للأسئلة في المؤتمرات، الحلقات الدراسية، و أكثر الكتب مبيعاً. الكل يريد إرشاد، حلول، شيء يهدؤون به نفوسهم. الآن هم يبحثون في كل المصادر ماعدا الرب. لا يدركون أن الله أعطاهم وعداً من خلال إشعياء: إذا لم يلتفتوا إليه كمصدر لهم، فإن كفاحهم سينتهي في حزن و ارتباك.

إشعياء يصف ما الذي يجب أن يحققه بر الله فينا: " فَيَكُون صنع العدل سَلاَماً، و عمل العدل سكونا و طمأنينة إلي الأبد" ( إِشَعْيَاءَ 32: 17 ). إذا كنا نحيا بصدق في البر، فإننا سوف نجني ثمر الطمأنينة الذي هو سكينة و طمأنينة القلب و السلام مع الله.

تكلم بطرس عن " و لا تكن زينتكن الزينة الخارجية من ضفر الشعر و التحلي بالذهب و لبس الثياب. بل انسان القلب الخفي في العديمة الفساد زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن " ( بطرس الأولى 3 : 4 ). مـثل هـذا الـروح لـيس لـه عـلاقة بـالمزاج أو الشخصية. فبعد كل شيء، بعض الناس بالطبيعة يميلون إلى الهدوء و الخجل، بينما آخرين فهو ببساطة مرضي. لا، فالاعتدال، وهدوء الروح الذي يعنيهم بطرس يمكنهم أن يُغْرَسوا فينا فقط عن طريق الروح القدس. و الله يهبها لكل واحد يثق بصدق تام فيه في كل شيء.

والآن نظر إشعياء حوله، فوجد شعب الله يفرون إلى مصر طلبا للمساعدة، يثقون فى الإنسان، و يعتمدون على الخيول والفرسان. فأنذرهم النبي قائلاً "وأما المصريون فهم أناس لا آلهة و خيلهم جسد لا روح و الرب يمد يده فيعثر المعين ويسقط المعان ويفنيان كلاهما معا. " (إِشَعْيَاءَ 31 : 3 ).

لقد كان السفراء يذهبون و يجيئون. القادة يقيمون الاجتماعات الطارئة. الكل مذعور، منتحب " ماذا يمكننا أن نفعل؟ إن السوريين سوف يمحوننا محوا ".

لكن إشعياء أكد لهم " إن الأمر لا يلزم أن يكون هكذا، ارجعوا عن التخلي عن إيمانكم. توبوا عن تمردكم بثقتكم في الآخرين. التفتوا للرب، وهو سوف يغطيكم بغطاء السلام. سوف يعطيكم الهدوء و السكون في وسط كل شيء تواجهونه. "

راعوث مثال هذا النوع من الثقة. فبعد وفاة زوجهاً، عاشت راعوث مع حماتها نُعْمِي التي كانت أكبر منها بكثير. لقد كانت نُعْمِي تهتم براحة راعوث و أرادت أو تؤمن مستقبل كنتها. فنصحتها أن ترقد عند قدمي بوعز الغني وتطلب منه تعهده كقريب لها.

ففي هذه الليلة بعد انتهاء البذر، رقد بوعز "و ذهب ليضطجع في طرف العرمة " ( راعوث 3 : 7 ) وغطى نفسه بغطاء. في الصباح التالي، استيقظ مضطرباً ليجد امرأة تنام عند قدميه.(لم يكن هناك شيء خليع في وجود راعوث هناك، حيث كان هذا تقليد متبع في تلك الأيام.)

فأجابته راعوث " فابْسط ذيل ثوبك على أمتك لأنك َوَلِيٌّ. " ( راعوث 3 : 9 ). لقد كانت تعني في الجوهر " هل تأخذ تعهد القريب لي؟ هل تكفيني؟ " باختصار كانت تطلب " هل ب

الآن، هذا لم يكن خطة بشرية. فراعوث و نعمى فعلوا كل شيء بترتيب إلهي. يمكننا أن نكون متأكدين من هذا لآن نسب المسيح جاء من خلال راعوث. عندما عادت راعوث مبكراً ذاك الصباح، سألتها نعمى " مَن انت يَاابنَتِي؟ " ( راعوث 3 : 16 ). لقد كانت تسأل بكلمات أخرى " هل أدعوك براعوث المرتبطة؟ أو مازلت الأرملة راعوث? "

أخبرت راعوث نعمى بكل شيء. و الآن هي تستمع لحماتها " فَقَالَتْ لَهَا نُعْمِي: «فقالت اجلسي يا بنتي حتى تعلمي كيف يقع الأمرز لأن الرجل لا يهدأ حتى يتمم الأمر الْيَوْمَ». " ( راعوث 3 : 18 ). صلت نعمى لهذا الأمر طالبة إرشاد الله. واستجاب الله لها و أرشدها. لقد ذكرها بشريعة القريب ( التي كانت تعتبر نوعا وتشبيها للمسيح ).

فكانت نعمى واثقة أنها و راعوث أدتا دورهما. الآن وقت للجلوس و الانتظار و الثقة في الله ليحقق ما وعد به. لقد كانت تقول " راعوث،إن الأمر في يدي الله الآن. اهدئي و كوني ساكنة. الله سيتحرك بطرقة خارقة للطبيعة لك، لذلك ليس هناك داعي لأن تقلقي أو تتلاعبي بأي شيء. اجعلي الهدوء و الثقة هما قوتك .الله لن يدع بوعز يرتاح حتى يضع خاتم في يديك."

حل سلام على بيت نعمى. لم يكن أحد متوتر، يقرض أظافره متسائلاً " هل سيفعلها الله؟ متي سيحدث هذا؟". هاتين المرأتين المخلصتين استراحوا، غنوا و سبحوا الرب لأجل فضله وجوده.

ماذا عن بيتك؟ هل بيتك ينعم بالسلام و الهدوء؟ أم مكان للشك، و التساؤل و القلق و عدم الراحة؟. هل تجرى هنا و هناك بغيظ وقلق متسائلاً " كيف سيمكنني دفاع الفواتير؟ ". عندما تحل المشاكل، هل تبحث عن الله و تطلب منه قبل أي مصدر أخر؟ ثم هل تطيع كل شيء يقوله لك الله؟. أخيراً، هل أنت تصمت وتستريح وتثق فى النتيجة؟ إذا كان الأمر هكذا، فإن بيتك لابد أن ينعم بالهدوء و السلام.

" ولذلك ينتظر الرب ليترأف عليكم و لذلك يقوم ليرحمكم لأن الرب اله حق طوبى لجميع منتظريه لأن الشعب في صهيون يسكن في أورشليم. لا تبكي بكاء يتراءف عليك عند صوت صراخك. حينما يسمع يستجيب لك. " ( إِشَعْيَاءَ 30 : 18 – 19 ).

" وأذناك تسمعان كلمة خَلْفِكَ قَائِلَةً هذه هي الطريق " ( إِشَعْيَاءَ 30 : 21 ).

" تكون لكم أغنية كليلة تقديس عيد و فرح قلب كالسائر بالناي ليأتي الى جبل الرب الى صخر اسرائيل. " ( إِشَعْيَاءَ 30 : 29 ). لقد كان إشعياء يقول " إذا فقط انتظرتم الرب، إذا فقط صرختم له مرة أخرى، ووثقتم به لكان التفت لكم و فعل كل شيء قد نطقت به و أكثر. "

يكفى أنه إذا تكلم الرب فحسب بكلمة، فان العدو سيتداعى أمامنا. يقول الكتاب " لأنه من صوت الرب يَرتاع أشور. بالِقَضِيب يضربِ. " ( إِشَعْيَاءَ 30 : 31 ).

يا محبوب، انه لاشيء يمكن أن يعسر حله على أبونا السماوي، لا توجد معركة لا يمكنه الفوز بها لنا بكلمة صغيرة من شفتيه. يقول إشعياء " نفخة الرب " ( راجع إشعياء 30 : 33 ). ستحرق كل شيء في طريقنا.

حتى الآن، فإن عملية الثقة في الله في كل شيء ليست سهلة. مؤخراً، في الصلاة، لقد سألت الرب بخصوص موقف مبنى كنيستنا هنا في مدينة نيويورك. لقد كان ممكنا أن نطلب من شركة أن تبني فندقاً مكون من 50 طابقاً فوق الكنيسة. المشكلة تتعلق بما يدعى "حقوق الهواء" التي هي المساحة فوق المبنى التي يحتلها المبنى. فنحن لا نملك حقوق هواء فوق المبنى – التي هي مكلفة جداً لشرائها – فلهذا لا يمكننا قانونياً أن نوقف مثل هذه الشركة. حيث أن الفضاء مسألة ذات أولوية في منهاتن، فوصلت إلى أن الفراغ فوق المباني تباع مثلها مثل المباني.

لقد صليت أن ولا طوبة من المبنى تزاح. لقد قلت إلى الله " أبونا السماوي،أنا أثق فيك بخصوص ذلك. لقد اتكلت عليك بخصوص ذلك و سأكون في سلام بخصوص هذا." وهنا كيف أجابني الله " دافيد، أنا مندهش أنك تستطيع الثقة في بخصوص مشكلة المبنى، التكاليف، و كثير من الأشياء الأخرى المادية. و لكن حتى الآن فأنت لا تثق في بإرادتك المادية."

لقد كان علي أن أكون متنبها أنني قاربت السبعين من عمري. لكان على أن أكون مهتماً بتأمين مستقبل عائلتي من بعدي. الآن، لقد نزلت عليا كلمات الرب المقنعة مثل الصاعقة. لأني سأضع كل اهتماماتي المادية في يدي الله، و لكن ليس الاهتمامات الأبدية. لقد أيقنت "يا رب، أنت تريدني أن أثق فيك بكل شيء، أليس كذلك? "

نعم عزيزي، إنه يريدها كلها – صحتك، مستقبلك، عائلتك. أنه يريدك أن تودع فيه كل شيء. و هو يريد منك أن تحي في هدوء، ثقة، و راحة. لذلك، اذهب إلى سرك و أمشى مع الله. احضر كل شيء له. لقد وعدنا " سوف تسمعون كلمتي أمامكم لتخبركم في أي طريق تذهبون، و الآن هذا الطريق تمشون فيه."

Arabic